فرضت التحولات على المجتمعات ملامح وعادات وسلوكيات وأنماطاً استهلاكية لم تكن مألوفة من عقود مضت، ما دفع المخضرمين إلى عقد المقارنات والمقاربات بين ما كان وما هو كائن وما سيكون، وفرض على الباحثين وعلماء الاجتماع رصد ما طرأ من تغيرات وتداعيات وآثار على أخلاق الناس.
عاشت الأسرة العنقودية زمن الإنتاج ولم يكن لها من وسائل ترفيه في ليالي رمضان سوى بعض القصص والحكايات المقتطفة من السيرة الهلالية، أو قصة الزير سالم، وعنترة، ومن إحدى الطرائف أن جماعة قرية سهروا عند الفقيه الذي قرأ لهم فصلاً من سيرة عنترة وتوقف بهم عند إدخاله السجن، ثم قال: وغداً نكمل الحكاية، فانصرفوا لبيوتهم للنوم، وعندما تمدد أحدهم على فراشه واستعاد ما سمعه من السرد تلبسته حالة تأثر بالدراما، وأخذته النخوة، فنهض من فوره وعاد لبيت فقيه القرية وطرق عليه الباب، وطلب منه إخراج عنترة من سجنه! فقال الفقيه: غدا نخرجه، فأقسم بالطلاق ما يرجع بيته إلا وعنترة بايت عند أهله وهو مستعد أن يكفله، فاضطر الفقيه أن يشعل الفانوس ويقرأ له صفحتين من الكتاب ولما اطمئن على فك أسر البطل، سرى ليكمل نومه.
وجاء عصر المذياع ولم يكن بمقدور كل بيت توفير صوت الأثير، فأسهم الراديو في لمة عدد من العائلات عند بعضهم إثر الإفطار والاجتماع على ما تيسر من شعيرية ومهلبية للاستماع والاستمتاع بحلقات المسلسل الإذاعي يوميات أم حديجان للفنان القدير عبدالعزيز الهزاع.
وفي زمن الإرسال التلفزيوني المحدود بساعات بث تبدأ عصراً وتنتهي منتصف الليل استهلك الرائي -كما يطلق عليه- حيزاً من ليل رمضان ومدد سهرة العائلات حتى وقت السحور، ومع انطلاقة الفضائيات تداخل الليل بالنهار وغدا لكل فرد من أفراد الأسرة برنامجه ومسلسله المفضل.
وحل عصر السوشل ميديا، وأتاحت لكل إنسان فرص اقتناء جهاز جوال يرى فيه ويسمع منه ما شاء في أي وقت شاء، لتشتت وسائل التواصل الاجتماعي جمع المنظومة العائلية، ومع أن الأسرة في منزل واحد أو شقة صغيرة إلا أن لكلٍّ عالماً بلا حدود، بحكم الاتصال بالفضاء المفتوح والمنفتح، وربما كان الشبان والفتيات في غرفة واحدة مع الآباء والأمهات إلا أن كل شخص منهم منفصل عن محيطه القريب ومتصل بأنهار وأودية وبحار بعيدة جداً، وتتمثل خطورة فتح نوافذ اتصال معنوية مشرعة مع العالم الافتراضي، في تلبسنا بأحدث أنماط الاستهلاك وارتداء أقنعة تختفي وراءها وجوهنا الحقيقية، فالتطبيقات الذكية في الهواتف (فيسبوك، تويتر، اليوتيوب، الانستغرام، السناب شات) حبست كل فرد في عالمه الخاص وسلبت الكيان والكينونة الاجتماعية بهجة لمة رمضان، وتشتت الأذهان، وردد كبار السن الله يرحم أيام زمان. ولعل أبرز ما طبعته وسائل التواصل حالة الانفصال والانقطاع عن دفء وتوجيه الأبوين وحميمية المسامرات بالحوارات والنقاشات والألغاز والأحاجي والحكايات، فبنى المغرمون بالتقنية جدراناً وهمية حول ذواتهم تمرضهم بالعزلة التي لا يشعرون بمخاطرها في حينها، ومن الضروري إعادة التوازن بين الواقعي والافتراضي تفادياً لسلب السوشل ميديا أحسن ما فينا وتعويضنا بأسوأ ما فيها.
عاشت الأسرة العنقودية زمن الإنتاج ولم يكن لها من وسائل ترفيه في ليالي رمضان سوى بعض القصص والحكايات المقتطفة من السيرة الهلالية، أو قصة الزير سالم، وعنترة، ومن إحدى الطرائف أن جماعة قرية سهروا عند الفقيه الذي قرأ لهم فصلاً من سيرة عنترة وتوقف بهم عند إدخاله السجن، ثم قال: وغداً نكمل الحكاية، فانصرفوا لبيوتهم للنوم، وعندما تمدد أحدهم على فراشه واستعاد ما سمعه من السرد تلبسته حالة تأثر بالدراما، وأخذته النخوة، فنهض من فوره وعاد لبيت فقيه القرية وطرق عليه الباب، وطلب منه إخراج عنترة من سجنه! فقال الفقيه: غدا نخرجه، فأقسم بالطلاق ما يرجع بيته إلا وعنترة بايت عند أهله وهو مستعد أن يكفله، فاضطر الفقيه أن يشعل الفانوس ويقرأ له صفحتين من الكتاب ولما اطمئن على فك أسر البطل، سرى ليكمل نومه.
وجاء عصر المذياع ولم يكن بمقدور كل بيت توفير صوت الأثير، فأسهم الراديو في لمة عدد من العائلات عند بعضهم إثر الإفطار والاجتماع على ما تيسر من شعيرية ومهلبية للاستماع والاستمتاع بحلقات المسلسل الإذاعي يوميات أم حديجان للفنان القدير عبدالعزيز الهزاع.
وفي زمن الإرسال التلفزيوني المحدود بساعات بث تبدأ عصراً وتنتهي منتصف الليل استهلك الرائي -كما يطلق عليه- حيزاً من ليل رمضان ومدد سهرة العائلات حتى وقت السحور، ومع انطلاقة الفضائيات تداخل الليل بالنهار وغدا لكل فرد من أفراد الأسرة برنامجه ومسلسله المفضل.
وحل عصر السوشل ميديا، وأتاحت لكل إنسان فرص اقتناء جهاز جوال يرى فيه ويسمع منه ما شاء في أي وقت شاء، لتشتت وسائل التواصل الاجتماعي جمع المنظومة العائلية، ومع أن الأسرة في منزل واحد أو شقة صغيرة إلا أن لكلٍّ عالماً بلا حدود، بحكم الاتصال بالفضاء المفتوح والمنفتح، وربما كان الشبان والفتيات في غرفة واحدة مع الآباء والأمهات إلا أن كل شخص منهم منفصل عن محيطه القريب ومتصل بأنهار وأودية وبحار بعيدة جداً، وتتمثل خطورة فتح نوافذ اتصال معنوية مشرعة مع العالم الافتراضي، في تلبسنا بأحدث أنماط الاستهلاك وارتداء أقنعة تختفي وراءها وجوهنا الحقيقية، فالتطبيقات الذكية في الهواتف (فيسبوك، تويتر، اليوتيوب، الانستغرام، السناب شات) حبست كل فرد في عالمه الخاص وسلبت الكيان والكينونة الاجتماعية بهجة لمة رمضان، وتشتت الأذهان، وردد كبار السن الله يرحم أيام زمان. ولعل أبرز ما طبعته وسائل التواصل حالة الانفصال والانقطاع عن دفء وتوجيه الأبوين وحميمية المسامرات بالحوارات والنقاشات والألغاز والأحاجي والحكايات، فبنى المغرمون بالتقنية جدراناً وهمية حول ذواتهم تمرضهم بالعزلة التي لا يشعرون بمخاطرها في حينها، ومن الضروري إعادة التوازن بين الواقعي والافتراضي تفادياً لسلب السوشل ميديا أحسن ما فينا وتعويضنا بأسوأ ما فيها.